المثقفون والمجتمع المدني

Posted on at





ظهر حديثا اهمية المجتمع المدني واهميته في عملية التنمية والاهتمام بالنشاط التطوعي ومصلحة الجميع . وبالتالي تزايدت اهمية المثقفين وارتفع صوتهم وازداد نشاطهم في المجتمع المدني , ويتوقف دور المثقفين على مستوى ونمط الوعي لديهم والقيم والافكار التي يمثلونها وعلى تماسكهم وموقف الحكام منهم, واتجاهاتهم السياسية  وخلفياتهم المهنية والاجتماعية والتعليمية .فالاطباء مثلا اقل مشاركة في الحياة العامة عن الصحفيين او رجال الدين او المحاميين والذين يهتمون بالتشريع والقضاء والمشاركة والتنفيذ , او رجال الادب والمسرح والكتاب ممن يحملون رسالة الى القراء او المدرسين في المدارس والمعاهد والجامعات وما يقومون به من تنشئة وتطوير الافكار والمهارات والاتجاهات للاجيال الصاعدة .


لقد ظهرت جماعات عصرية للمثقفين والتي تطالب بالادارة العقلانية , ووضع نظام لاتخاذ السياسات وليس مجرد قرارات فقط , وآلية لدعم وتعزيز رموز الدولة ونموها الاقتصادي والاجتماعي , ومحامين وقضاة ومهندسين وعلماء في التخصصات الحديثة جنباً الى جنب مع الصحفيين والمحررين والسياسين ورجال الاحزاب ...وهذه المهن والتخصصات لا يمكن توفيرها بدون نظام تعليمي وثقافي حديث .


لقد وضع المثقفون شروطاً لتكامل دور الدولة والمجتمع المدني معاً , منها:


ـ قدرة المجتمع المدني على استيعاب حضارة العصر .


ـ تجاوز الروح الطائفية , ويقظة العقل وقبول الاخر.


فالمشكلة الان ليست كم اخذنا وكم سنأخذ من الغرب , ولكن كيف نوائم بين الوافد والتراث , فاذا تخلينا عن التراث تضيع عروبتنا واصالتنا وهويتنا وقوميتنا ووطنيتنا , واذا تخلينا عن الوافد سيضيع منا حاضرنا وعصرنا وتقدمنا .


الا ان تراثنا فيه عوامل ضعف عدة الى جانب عوامل القوة التي تميزه عن غيره ومن هذه العوامل التي تضعف تراثنا :


 ـ احتكار الحاكم لحرية الرأي , فيكون هو صاحب الرأي الاول والاخير ولا يسمح لغيره ان يعبر عن رايه واتجاهه اعتقادا منه ان ذلك سيضر بسلطانه .


ـ ان يكون للسلف ضغط فكري وسيطرة على عقول الخلف على مر العصور , ومن ثم تتدحرج الاجيال القادمة في دائرة الماضي دون اضافة جديد ودون تقدم .


ـ عدم قدرة الحكام على الايمان بقدرة الاخرين غير المقربيين منهم على التغيير وتعطيل القوانين , بل يعد هذا حقا لمن هو مقرب من حاشية الحاكم متى شاء وكيفما شاء.


فنحن نعاني في مجتمعاتنا الشرقية والعربية والاسلامية فقدان مظاهر الهوية , فمثلاً نجد في بعض دول اوروبا مسلمين بغير اسلام , وفي المقابل نجد في بعض الدول العربية اسلام بغير مسلمين .


اما اذا اردنا النهضة فلن تاتي الا بالايمان بالعقل , والتحرر من عقلية الماضي في عصرنا هذا الذي انتشرت فيه المدارس والجامعات وانماط الحياة الاقتصادية والاجتماعية الحديثة.


وللمؤسسات دور في هذه النهضة , فهي تمثل الممارسات المنتظمة والراسخة في مجتمع معين . فعندما تتشكل المؤسسة فبامكانها ممارسة دورها في صياغة وتوجيه مسار حياة الافراد والتاريخ معاً .


هناك عوامل وامور تحدد الفاعلية السياسية للمجتمع المدني,منها:


ـ تماسكه : ومدى وجود انقسامات طبيعية وعرقية وايديولوجية وطبقية بداخله .


ـ مستوى النمو الاقتصادي في الدولة : ومن المفترض ان ارتفاع متوسط الدخل وارتفاع مستوى التحديث في الدولة من شأنه ان يعزز وجود مجتمع مدني اقوى.


ـ عمر الدولة منذ حصولها على الاستقلال : لان وجود مجتمع مدني يحتاج لدولة قوية مستقلة قوية لكي توجد قدرة تنظيمية للمجتمع المدني .


يشير مفهوم المجتمع المدني الى اهمية استقلال هذا المجتمع بجماعاته وهيئاته , ومئسساته , عن السلطة السياسية وعن الدولة ,وجاءت نشأة مفهوم المجتمع المدني مرتبطة بمفهوم الدولة كذلك , فثمة علاقة التصاق وارتباط بينهما ولا يتصور احدهما دون الاخر .




                                                                                   الكاتبة : اميرة قمر



About the author

160