جامع الزيتونة كعبة الشمال الإفريقي وتحديات العصر

Posted on at


بسم الله الرحمن الرحيم


تأسس الجامع الأعظم جامع الزيتونة المعمور في أواخر القرن الأول الهجري و بدياية القرن الثاني على يد القائد عبيد الله بن الحبحاب رحمه الله تعالى و رضي عنه .


ومنذ تأسس كان منارة علمية كبرى , من خلال شيوخه و أساتذته حفظت بيضة الإسلام و انتشرت اللغة العربية الفصحى المينية على القواعد و الأصول .



حارب علماء الزيتونة البدع و العقائد الفاسدة وكل مافيه شركيات و تشيع , وتحلوا بالصدق و الإخلاص و بالتقوى و السماحة


السماحة هذا المفهوم الذي نهجه مشايخ الزيتونة ليس معناه الميوعة وعدم الإنكار على السلاطين كما على العامة وليس معناه التشدد والتعصب المقيت والتنطع البغيض المنفر .بل كان نهجا وسطا مجادلة بالتي هي أحسن ووعظ وإرشاد فيه دليل باهر على حب العلماء الذين هم ورثة الأنبياء لعامة الأمة .



من خلال الجامع الأعظم انتشر الإسلام في بقية ربوع شمال إفريقيا , هذا الجامع المعمور الذي يعتبر أقدم منارة بعد مسجد عقبة بن نافع بالقيروان الذي خفت نوره أمام الزيتونة المعمور .فأصبح بحق قبلة طلاب العلم من كافة شمال إفريقيا و غرب إفريقيا .


سبق الزيتونة ظاهر أمام منارة العلم كالأزهر الشريف الذي تأسس بالقاهرة حاولي منتصف القرن الرابع الهجري في أواخر الدولة الفاطمية التي حاربها علماء الزيتونة ولم يسكتوا أمام دعوى التشيع الذي يخالف منهج أهل السنة الأتقياء 



شهد الجامع الأعظم بروز علماء فطاحلة في كافة علوم الشريعة و اللغة العربية و بقية العلوم . هذا الجامع هو المعهد الذي تربع فيه وارتوى من علوم شيوخه العلاَمة عبد الرحمان بن خلدون مؤسس علم الإجتماع صاحب المقدمة وصاحب كتاب ديوان المبتدأ والخبر .


هو مدرسة إمام المالكية في زمنه صاحب الحدود و صاحب التفسير النفيس الشيخ الإمام ابن عرفة الورغمي التونسي المنشأ والدار رحمه الله تعالى .



هومعهد الإمام المصلح المفسر الأديب اللغوي شيخ المالكية الإمام محمد الطاهر بن عاشور صاحب التحرير والتنوير و مقاصد الشريعة و غير ذالك من التواليف المفيدة رحمه الله تعالى.


شهدت الزيتونة تحديات كبرى على مدى هذا الزمن الطويل منذ تأسس إلى زمننا هذا , ولكن لا نعلم حربا ضروسا شعواء قرعت طبولها و شهِرت سيوف جبنائها على الجامع الأعظم كما هو في عصرنا الذي بدأ منذ الاستعمار المقيت الفرنسي لتونس سنة 1881 ميلادي إلى الاستقلال سنة 1956م, وكانت الطامة والمصيبة العظمى التي قام بها ربيب الاستعمار الرئيس الأول لتونس والذي كشر عن أنيابه مظهرا لكرهه و بغضه لكل شيء يتعلق بالإسلام وقام بكل صفاقة وغرور بغلق منارة علمية من أبرز مناراة العلم على وجه الأرض .



تم غلق المعهد الديني  وبدأ نوره في خفوت وصوته في سفول حتى جاءت الثورة التونسية , ثورة الياسمين وأعلن عن فتح المعهد الزيتوني مجددا . فتح الزيتونة لطلاب العلم لتنافس مع الأزهر الشريف و مدرسة القرويين بالمغرب الأقصى .


لكن هل يعتبر الأمر ميسر أمام مشيخة الجامع في هذا الزمن الذي جففت المنابع و لم نجد من ورث علوم شيوخ الزيتونة إلا قليلا , وحتى من هو خريج المعهد في أخيريات عهده بلغوا من العمر عتيا و لا قدرة لهم على إحياء منارة يقيمة الزيتونة على الأقل بمفردهم , والأجدر و الأليق بمن تحمل مسؤولية الجامع بعد الفتح أن ينفتح على العالم الخارجي و ينظر حوله في الذين سافروا وطلبوا العلم من منارات علمية عريقة في الشرق والغرب .


الانغلاق و الأنانية و الغرور و الاعتداد بالنفس أمراض نفسية تقف حائلا أمام مزيد من الإصلاح للجامع الأعظم قبلة الشمال الإفريقي .جامع الزيتونة المعمور أعاده الله لسالف عهده فإنه جواد كريم.


الكاتب :كمال بن الحسين التيزاوي



About the author

160