أتبع السيئة الحسنة تمحها

Posted on at



أعتقد أن الذنوب فى حد ذاتها ليست عيبا ( ليس تبريرا للذنوب فالذنوب لا تبرر ولكن إقرارا بطبيعة بشرية عمادها الخطأ والنسيان ) وفى تلك النقطة سأتحدث عن محورين: أولا نظرة المجتمع للمذنب : وغالبا تكون نظرة سلبية أُنتُزِعَ منها الرحمة وكأن ذلك المجتمع هو مجتمع من الملائكة ليس بشريا أو آلهة مخول لهم _بمقتضى ما منحوه لأنفسهم من وظيفة _ محاسبة البشر فى الدنيا !! ولن أستطرد كثيرا فى تلك الفكره وذلك النوع من البشر ( الذى ينظر للمذنب نظرة دونية حقيرة تشعرة بأنه أفضل منه وأن الطينه التى خلق منها درجة أعلى وأرقى من التى خلق منها الآخر ) يكفى أنه يهدر حاضرة ومستقبله فى مراقبة البشر وينسى نفسه وحياته فلا يُقَوِمُهَا ولا يُطَورها فيعيش ويموت بدون هدف ( أملا منه وأيهام لنفسه انه مصلح إجتماعى وانه يدعوا للمعروف وينهى عن المنكر ولكن هيهات ) فالأولويه أن يصلح نفسه ويوليها الاهتمام .



والمحور الثانى الذى سأتحدث عنه رد فعل المذنب عقب إرتكابه ذلك الذنب , فإن كانت لديه نفس لوامة(1) سيرجع ويتبع السيئة الحسنة تمحها(2)وإن أذنب مجدداً سيجاهد ويحاول مرة أخرى وثالثة ورابعة حتى يمل منه شيطانه كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله } إن عبدا أصاب ذنبا فقال يا رب إني أذنبت ذنبا فاغفره لي ، فقال له ربه : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له . ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا آخر وربما قال ثم أذنب ذنبا آخر فقال يا رب إني أذنبت ذنبا آخر فاغفره لي ، قال ربه : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له . ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا آخر وربما قال ثم أذنب ذنبا آخر فقال يا رب إني أذنبت ذنبا فاغفره لي ، فقال ربه : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فقال ربه : غفرت لعبدي فليعمل ما شاء{ (3) .



وليس فى ارتكاب الذنوب والرجوع عيبا بل على النقيض فمن يفعل ذلك يدرك جيدا رحمة الله ويدرك ماهية خالقة ورحمته التى وسعت كل شئ فهو خلقنا ليرحمنا وليس ليعذبنا حيث يقول تعالى فى كتابه الكريم ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزائهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين ) ( آل عمران (4) ). ويروى أن أبليس بكى عندما نزلت تلك الآيه لانها ستفشل كل مخططاته فى إفساد عقول وقلوب العباد برجوع المذنب للحق والندم على ما فعل وعدم الاصرار على المعصية والتوبه النصوح . وهناك صنف آخر من الناس يياس من روح الله (5)ويستكثر ذنوبه ويعظمها ويعتقد فى نفسه أنها ليست أهلا للمغفرة وأن رحمة الله لن تسعه وستلفظه حين يستغيث بها ( وهذا عبث يتنافى مع أسماء وصفات الله الغفور الرحمن الرحيم الروؤف , فلا يوجد آله ضيق الخلق أو ييأس من ذنوب عباده ففى النهاية نحن وذنوبنا وحسناتنا وجل حياتنا واعمالنا لا نساوى عند الله جناح بعوضه لن ينفعه حسناتنا ولن تضيره معاصينا أن أخطأنا نحن من سيتأثر والله غنى عنا وما نفعل )


 


م.د


 



About the author

160