(حكومات المسلمين النشأة والاختلاف (الجزء الثالث

Posted on at


كانت التحديات التي تواجه المسلمين وبقية العالم النامي من القرن ال 18 وال19 هي عسكرية في المقام الاول. نمو القوة الاوروبية واضطرار هذه البلدان التعامل معها ومحاولة التكيف بطرق مختلفة مع هذه الاشكال الاوروبية من التنظيمات العسكرية منها شراء الاسلحلة 

   البارجة الالمانية التي اعطيت لتركيا (Geoben )                                                          

 

هذه الاصلاحات ضرورية ومكلفة، وهذا دافع رئيسي للاصلاح الاداري والاقتصادي والانتاجي. ولكن يمكننا ان نتبين اربعة انماط يستجيب بها العالم الاسلامي لتحديات النمو وهي المضاهاه والعلمانية، والحداثة الدينية، والتقليدية، والاصولية في القرن ال20. المضاهاه ينظر اليها بشيئ من الاحترام، فنحن عادة ما ننظر كيف مر اخرون بمشكلة واستطاعوا حلها ثم نتبع نهجهم. بالطبع فالصناعة في هذه الحالة اكثر قدرة على المنافسة( انتاج ارخص وبجودة اعلى ) وهكذا امكن لليابان الدخول من بوابة العصر الحديث. ولكن ليس هذا ما تجري عليه الامور في عالمنا

مع فحص تركيا من الناحية التاريخية وغيرها، فان السبب التاريخي له دور غاية في الاهمية لتركيا. وهي الامبراطورية العثمانية ودورها في نشأة العديد من الدول المسلمة الحديثة وتأثيرها في الحياة السياسية والاجتماعية حتى الان. ان الجمهورية التركية التي انطلقت من انقاض الامبراطورية العثمانية واحدة من الامم المسلمة التي قلدت الممارسات الغربية بما في ذلك القانون الغربي

في حين يبدو مثل المضاهاه اكثر الاستجابات للتحدي منطقية، الا انه ليس الاستجابة التي اتخذتها غالبية الدول المسلمة. ربما يرجع السبب الى الروابط العرقية واللغوية بين الشعب التركي من اسيا الوسطى وتركيا الحديثة، التي يرجع اصولها الى اسيا الوسطى. وتبقى هذه الروابط قوية رغم الفصل الذي فرضته الشيوعية. وحتى بعد انهيارها واعادة اكتشاف الاسلام ، بقيت جمهوريات اسيا الوسطى علمانية اجتماعيا و مؤسساتيا. وقد يكون من المستغرب ان معظم الجمهور والنخب في هذه الجمهوريات تشعر بالحنين للفترة الشيوعية، لانها كانت فترة من الاستقرار والازدهار النسبي واستقرار وثقة اجتماعية وسياسية ودعم وؤسسي وثقافي واقتصاد متكامل. كانت هذه الجمهوريات غير مستعدة للاستقلال بعد حل الاتحاد السوفيتي. ربما بسبب الحدود التي وضعها الاستعمار الروسي والذي تخطى الحياة السياسية والطوائف والاعراق. والسبب الثاني هو ان تحت فترات الحكم الشيوعي اعطيت هذه الجمهوريات درجة عالية من التخصص في المهام الاقتصادية كجزء من اقتصاد مخطط اكبر. وفجأه انهار هذا الاقتصاد على سبيل المثال اقتصاد القطن في اوزبكستان. قد يرجع السبب الثالث الى الثقافة السياسية التي نشأة في كل من هذه الدول. ومحاولة الاعتماد على الدين بعد 91 كأداة لبناء هوية اجتماعية او لبناء امة، ولكن ظلت البنية القانونية متأثرة باعوام سابقة من الشيوعية. اذا نظرنا الى المادة الاولى من الدستور التركي، فانه يصف دولة تركيا بالجمهورية، وفي المادة الثانية يصف خصائص الجمهورية: " الجمهورية التركية هي دولة ديمقراطية علمانية يحكمها سيادة القانون تضع في اعتبارها مفاهيم السلم العام، والوحدة الوطنية والعدالة واحترام حقوق الانسان الموافقة لقومية اتاتورك واستنادا لما جاء في الديباجة". ومن ثم المادة الرابعة التي تعفي المواد الاولى من التغيير او التعديل

واذا نظرنا الى دساتير جمهوريات اسيا الوسطى، جمهورية قيرغيزتان، المادة الأولى منها: " ...... هي ذات سيادة، ديمقراطية، علمانية، موحدة، والدولة الاجتماعية تحكمها سيادة القانون.......". والمادة الاولى في دستور كازاخستان: تعتبر الدولة علمانية ديمقراطية قانونية واجتماعية ويمثل الانسان فيها هو وحياته وحقوقه وحريته قيمة عالية" وان الشعب يمثل المصدر الوحيد للسلطة" وان الرئيس يمثل رمزا وضمانا لحرمة الدستور". كذلك المادة الأولى من دستور التركمان يصفها " دولة ديمقراطية وقانونية وعلمانية". كذلك طاجيكستان واوزبكستان واذربيجان. ولا توجد اي اشارة الى ان الاسلام او الشريعة الاسلامية مصدر للسلطة او التشريع او مصدر الهام للقانون بل ان هناك التزام صريح بالعلمانية في جميع هذه الجمهوريات على حد سواء

ايضا احد الجوانب الاكثر لفتا واثارة للاعجاب في التجربة التركية هو الاداء الاقتصادي من عام 2002 حتى الان ومعدل النمو للفرد في صعود مستمر( في السنوات الخمسة عشر الماضية تضاعف دخل الاسرة الواحدة ثلاث مرات تقريبا)  الا ان ذلك لا يحول دون حدوث اضطرابات  في الشارع التركي وصراعات حول هوية الدولة وصراعات حول الدولة الكمالية والدولة الاسلامية

                                                       



About the author

160